السؤال:
أنا مستقر- بحمد الله وفضله- ولكني ابتليت بابن- هو الأكبر يدرس في ثالث ثانوي- حاد الطباع متقلب المزاج، لا يهمه إلا نفسه، ويريد أن يأخذ كل شيء دون أن يعطي أي شيء، لا يفكر بمصالح أبويه أو إخوانه أو مشاعرهم، يقضي معظم وقته خارج البيت (بمعنى أنه قد يغيب خمسة أيام بلياليها)، مرتبط باستراحة مع أصدقاء له ليسوا سيئين، فلا يأتي للبيت إلا عند حاجته للمال فقط!!
قد تقول- أيها الشيخ الكريم-: هل سألت عن أصدقائه؟
فأجيبك: نعم، هم لا يتجاوزون الخمسة، شباب يصلون- كما يقول-، ويشاهدون القنوات الفضائية، همهم السيارات والمغامرات الرمليّة، وضعهم بشكل عام مطمئن- كما أكد لي قريب لي يتردد عليهم في أوقات متفاوتة للاطمئنان.
قد تقول: إنه يبحث خارج البيت عما افتقده داخله من حب وحنان وعطف واهتمام؟
فأجيبك: بأن البيت وضعه مستقر- بحمد الله- يتواجد الأب والأم مع بقية الأسرة معظم الوقت في البيت وخارجه، وهناك تفاهم وانسجام، ونلجأ نحن إلى محاولة ترغيبه بالتواجد بإشاعة نوع من المرح والمزاح كأن نتصل عليه فندعوه إلى الغداء، ونرسل له رسائل محملة بعبارات وقصائد حميمة تفيض بالمودة والشوق والحب، وإذا جاء أبدينا الفرحة والاهتمام به.
قد تقول: هل حاولت مناقشته ومعرفة همومه وأفكاره وطموحاته؟
فأجيبك: نعم، بل أكثر من مرة، وتكفلت بتحقيق رغباته المشروعة كاملة إن هو التزم بأداء الصلوات في وقتها في المسجد- للعلم فهو ينام عن الصلاة ولا يهتم بها- وبر بوالديه وحافظ على دراسته، مبديا له حبي الشديد له، وحرصي على مصلحته. وهو يتأثر تأثرا كبيرا بعد هذه المناقشات؛ فيبكي ويقبل رأسي ويعدني بالتطبيق الكامل، ولكنه يعود لسابق عهده بعد سويعات قليلة جدا.
وأنا- بصراحة شديدة- قلق للغاية وفي حيرة شديدة خاصة من أمرين في غاية الخطورة:
أما الأول فهو الآن يطلب مبالغ مالية، فأخشى أن أمنعه فيحتاج إلى أحد قد يستغل حاجته لأغراض سيئة مدمرة. وأن أعطيته استمر على حاله.
ثانيهما: لا أدري هل الأفضل إبداء العتاب وتسجيل موقف عدم الرضا عن تصرفاته، من خلال عدم الاهتمام به عند مجيئه؛ وهذا فقد يؤدي هذا إلى هروبه مرة أخرى إلى أصدقائه للبحث عن الاهتمام والحب الذي افتقده؛ وهذا قد حدث، فقد قال مرة: إنكما لم تهتموا بي عندما جئت للبيت؟! (لا يعني هذا انه كلما جاء عومل بهذا الشكل ولكنها مرة بقصد إشعاره بخطئه عندما سافرت وقلت له إنه رجل البيت وعليه الاهتمام بوالدته وأخواته وقضاء حوائجهم أثناء غيابي؛ فلم يفعل وتركهم بل أخذ سيارتهم وغاب). أم إبداء الفرحة والاهتمام به كلما جاء؛ وهذا- أيضا- قد يشعره بأننا راضون عن تصرفاته فيستمر في هذا السلوك.
لا أريد أن اجتهد بشكل فردي ارتجالي؛ فأفقد ابني العزيز وأكون سببا في ضياعه!! لذا لجأت بعد توكلي على الله إلى أهل العلم والمعرفة والاختصاص أمثالكم لأعرض مشكلتي؛ راجيا العلي القدير الهادي أن يكون على أيديكم الحل الشافي والسبب لإنهاء معاناتي المقلقة لي المعايشة لي على الدوام.
وفقكم الله وبارك في جهودكم.
الجواب:
أخي الكريم: مشكلتك هذه يعاني منها كثير من الآباء، وتزداد المشكلة إذا كان الابن هو الأكبر لما في ذلك من آثار على بقية الأبناء، ولذا أنصحك بالجلوس مع أحد المتخصصين في التربية، لأن ابنك يمر بمراهقة شديدة، ويحتاج إلى برنامج خاص، وقد يساعدك في ذلك المتخصصون في علم النفس التربوي. وأوصيك بالاستمرار في حسن معاملته وعدم الإساءة إليه، على أن يشعر أنكم غير راضين عن تصرفاته، والرسائل في هذا الأمر لها وقع كبير ولو بعد حين، مع الصبر والدعاء والإلحاح على الله بأن يهديه، ومحاولة إيجاد أصدقاء يناسبونه ويكونون من أهل الخير والصلاح، واحذر أن تختلف مع والدته في برنامج تربيته ومعاملته فإن ذلك يفسده، أصلح الله أبناءك وأعانك على تربيتهم، وعليك بكثرة الاستغفار، وصدقة السرّ فإنها تطفئ غضب الرب، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
الكاتب: د. ناصر بن سليمان العمر.
المصدر: موقع المسلم.